زجاجتي مليئة بالألم،
متى حرَّكتها وأنى حركتها تصدر أنينا، تنتفخ، يتغير لونها وشكلها، فأشفق
عليها وأحاول إكسابها شكلها القديم، لكني لا أتذكره، نسيته، أصر، أنبش في
مخيلتي المهمومة فتتأبى علي، ألأني لم أحب شكلها القديم، أم لأني كنت
مشغولا عن زجاجتي بغيرها من الزجاجات المترامية على أرصفة الشوارع؟
والتي ما فتئت تتحطم الواحدة تلو الأخرى،
ما أجمل مشهد الزجاجات وهي تتكسر، تثور على ما تختزنه من مكبوتات، تنتفض،
فيدوي صوتها في الآفاق، تتناقله الشوارع والدروب والأزقة، فتنوء مدينتي به،
محاولة ضمه واحتواءه فينفلت كالهواء كالصوت كالشعاع صوت الزجاجات، يحلق في
المكان معلنا ميلادا جديدا.. ما أتعس الزجاجات وهي تتحطم، تئد الماضي
وتقتلني معه، أتبخر مطاردا سراب صوتها المجلجل.. وبيدي زجاجتي أشد عليها
بقوة حتى لا تنكسر فيتضاعف الألم..